كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



(2) النطاق الغامض: ويضم سحبا بيضاء كثيفة تحيط نطاق الانفجار العظيم بسمك يصل الي بليوني سنة ضوئية.
(3) النطاق بعد النطاق الغامض: ويضم سحبا من دخان السماء تغلف النطاق الغامض بسمك يتراوح بين بليونين الي ثلاثة بلايين من السنين الضوئية.
(4) نطاق أشباه النجوم السحيقة: ويضم أكثر أشباه النجوم بعدا عنا، ويمتد بسمك يقدر بحوالي خمسة بلايين من السنين الضوئية حول النطاق السابق.
(5) نطاق أشباه النجوم القديمة: ويضم أقرب أشباه النجوم إلينا، ويمتد بسمك يقدر بحوالي سبعة بلايين من السنين الضوئية حول نطاق أشباه النجوم السحيقة.
(6) نطاق المجرات: ويحيط النطق السابقة كلها بسمك يقدر بحوالي أربعة بلايين من السنين الضوئية.
وعلي ذلك، فإن قطر الجزء المدرك من السماء الدنيا يقدر بحوالي 23 بليون سنة ضوئية علي الأقل.
ومجرتنا (سكة التبانة أو درب اللبانة أو الطريق اللبني) تعتبر في هذا الحشد هباءة منثورة في السماء الدنيا، التي لا يعلم حدودها إلا الله تعالى. وهي عبارة عن قرص مفرطح يبلغ طول قطره حوالي مائة ألف سنة ضوئية، ويبلغ سمكه عشرة آلاف من السنين الضوئية، ويضم ما بين مائة بليون الي تريليون (مليون مليون) نجم في مراحل مختلفة من العمر، منها نجوم النسق العادي كشمسنا، ومنها العماليق الحمر، والعماليق الكبار، ومنها النجوم الزرقاء شديدة الحرارة، ومنها الأقزام البيض الباردة نسبيا، ومنها النجوم النيوترونية، والنجوم الخانسة الكانسة (الثقوب السود) ومنها أشباه النجوم وغيرها.
وكما أن لشمسنا توابع من الكواكب والكويكبات، والأقمار والمذنبات التي تكون مجموعتنا الشمسية، فإنه من المنطقي أن يكون لكل نجم من هذه الملايين من النجوم توابعه الخاصة به.
وتقدر كتلة مجرتنا (سكة التبانة) بحوالي 4،6 3810 طن، أي بمائتين وثلاثين بليون مرة قدر كتلة شمسنا (والمقدرة بحوالي 333،000 مرة قدر كتلة الأرض والمقدرة بحوالي ستة آلاف مليون مليون مليون طن).
وتدور مجرتنا دورة كاملة حول مركزها في مدة تقدر بحوالي 250 مليون سنة من سنيننا، وهذا هو يومها.
والنجوم في مجرتنا إما مفردة أو ثنائية أو عديدة، وهي تدور جميعا حول مركز المجرة بطريقة موازية أو متعامدة أو مائلة علي خط استواء المجرة.
ولمجرتنا نواة تحتوي علي حشد كثيف من النجوم، وحلقة من غاز الإيدروجين تدور حوله، ويمتد قطر النواة لعشرات السنين الضوئية حول المركز الهندسي للمجرة، والنواة ذات نشاط إشعاعي واضح بما يشير الي وجود نجم خانس كانس (ثقب أسود) في مركزها تقدر كتلته بمائة مليون مرة قدر كتلة شمسنا، ويحيط بنواة المجرة انبعاج يعرف باسم الانبعاج المجري، كما يحيط بالانبعاج المجري قرص المجرة بسمك يصل الي ستين ألف سنة ضوئية، ويتكون من نجوم وغازات وأتربة (دخان) تزيد كتلتها عن نصف كتلة المجرة، وتبعد شمسنا عن مركز القرص بمسافة ثلاثين ألف سنة ضوئية، وعن أقرب أطراف المجرة بمسافة عشرين ألف سنة ضوئية، وتجري شمسنا ومعها مجموعتها الشمسية (شمس + تسع كواكب علي الأقل +61 قمرا + عدد من الكويكبات والمذنبات) حول مركز المجرة بسرعة تقدر بثلاثمائة كيلومتر في الثانية، لتتم دورتها في مائتي مليون سنة، ولمجرتنا أربعة أذرع حلزونية تبلغ سمك أطرافها 2600 من السنين الضوئية، ويحيط بها هالة اسطوانية تمتد الي مائتي ألف سنة ضوئية طولا، وعشرين ألف سنة ضوئية سمكا.
وهالة مجرتنا تنقسم الي نطاق داخلي يضم عددا من النجوم المتباعدة عن بعضها البعض، ونطاق وسطي سميك يتكون من مادة قاتمة وغازات منخفضة الكثافة، ونطاق خارجي علي هيئة حزام إشعاعي يمتد الي مسافات شاسعة.
وتجري مجموعتنا الشمسية في وضع مائل علي خط استواء المجرة، دون تصادم أو خروج عن مداراتها المحددة.
ويعتقد بوجود أكثر من نجم خانس كانس في مجرتنا، بالإضافة الي الموجود في مركزها، تم اكتشاف أحدها في سنة 1971 م في كوكبة الدجاجة مع نجم مرئي مرافق تقدر كتلته بحوالي ثلاثين مرة قدر كتلة الشمس.
وكل من المادة والطاقة يتحرك في مجرتنا- كما يتحرك في كل الجزء المدرك من السماء الدنيا- من أجرام تلك السماء الي دخانها وبالعكس في حركة شديدة الانضباط والإحكام، فالنجوم الابتدائية تتولد من التكثف الشديد لدخان السماء فيما يعرف باسم السحب الجزيئية فتنكمش تلك السحب الكثيفة، وتنهار مادتها في المركز بمعدل أسرع من انهيارها في الأطراف، ولأن النواة المنهارة تدور بسرعات فائقة، فإن أجزاءها الخارجية تتشكل علي هيئة قرص، وتظل عملية تكثيف المادة وتراكمها في تصاعد مما يؤدي الي ارتفاع درجة حرارة النواة باطراد، حتي تصل الي الدرجة اللازمة لبدء التفاعلات النووية، فيولد النجم.
ونجوم النسق الرئيسي تمثل المرحلة الأساسية في حياة نجوم السماء الدنيا (حيث تمثل 9.
من حياة النجم)، وعند الشيخوخة تسلك النجوم الهرمة مسلكا من اثنين حسب كتلة المادة والطاقة فيها، فإذا كانت كتلة النجم في حدود 1،4 من كتلة الشمس، فإنه يتوهج بدرجة فائقة علي هيئة عملاق أحمر ثم يتحول الي نجم أزرق شديد الحرارة وسط هالة من الايدروجين المتأين (أي الحامل لشحنة كهربائية) يعرف باسم السديم الكوكبي الذي سرعان ما يتبرد وينكمش علي هيئة تعرف باسم القزم الأبيض، وقد تدب الحياة مرة أخري في ذلك القزم الأبيض، فيعاود الانفجار علي هيئة عملاق أحمر، ويعود قزما أبيض أكثر من مرة حتي ينتهي به العمر فينفجر علي هيئة مستعر أعظم من النسق الأول وتنتهي مادته وطاقته الي دخان السماء فتدخل أو لا تدخل في دورة ميلاد نجم جديد.
أما اذا تراوحت كتلة النجم بين 1،4 من كتلة الشمس الي ثلاثة أضعاف كتلة الشمس، فإن توهجه يزداد زيادة ملحوظة في شيخوخته متحولا الي عملاق أعظم (Supergiant)، ثم ينفجر علي هيئة مستعر أعظم من النسق الثاني: (TypeIISupernova) عائدا جزئيا الي دخان السماء علي هيئة بقايا المستعر الأعظم (SupernovaRemnants)، ومكدسا جزءا من كتلته علي هيئة ما يعرف باسم النجم النيوتروني (NeutronStar) وهو نجم قزم، منكدر، لا يتعدي قطره ستة عشر كيلومترا، سريع الدوران حول محوره بمعدلات فائقة، تنتج أحيانا تيارا من الموجات الراديوية التي يمكن الاستدلال عليه بها، لما تبثه من نبضات راديوية منتظمة يمكن تسجيلها بواسطة المرقاب الراديوي.
واذا تعدي حجم النجم ثلاثة أضعاف كتلة الشمس، فإن ناتج الانفجار يكون نجما خانسا كانسا (ثقبا أسود).
هذه الصورة للجزء المدرك من الكون تعكس شيئا عن ضخامة ذلك البناء، ودقة بنائه، وشساعة أبعاده، واتقان صنعته، وروعة خلقه، وإحكام كل جزئية فيه وهي من معاني (حبك) الصنعة، ومن هنا كان وصف السماء بأنها ذات (حبك).
(ب) السماء ذات الحبك بمعني ذات الترابط المحكم الشديد:
ج- شدة الترابط في داخل نواة ذرة الكربون 10ـ 11 ملليمتر.
د- مجرة حلزونية بها بلاين النجوم المرتبطة بالجاذبية هذه الأعداد المذهلة مما عرفنا من أجرام الجزء المدرك من السماء الدنيا (وهي لا تمثل أكثر من 1.
من مجموع كتلة ذلك الجزء المدرك)، لابد لها من قوي تعمل علي إحكام تماسكها بشدة، وتماسك مختلف الأجرام وصور المادة وأشكال الطاقة فيها، وإلا لزالت وانهارت، وسبحان القائل: {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا} (فاطر: 41).
ولله في إمساك السماوات والأرض عدد من السنن، والقوي التي استطاع الإنسان التعرف علي شيء منها، كمايلي:
(1) القوة الشديدة أو القوة النووية وهي القوة التي تقوم بربط الجسيمات الأولية للمادة في داخل نواة الذرة (من مثل البروتونات والنيوترونات)، وعلي التحام نوي الذرات مع بعضها البعض في عمليات الاندماج النووي (التي تتم بداخل النجوم)، وهي أشد أنواع القوي المعروفة لنا في مادة الجزء المدرك من الكون، ولو أن هذه الشدة البالغة عبر الأبعاد الضئيلة تتضاءل بشدة عبر المسافات الكبيرة، فدورها يكاد يكون منحصرا في داخل نوي الذرات، وبين تلك النوي ومثيلاتها، وتحمل هذه القوة علي جسيمات تسمي اللاحمة أو جليون (Gluon) لم تكتشف إلا في أواخر السبعينيات من القرن العشرين.
(2) القوة الضعيفة: وتساوي 10- 13 من شدة القوة النووية الشديدة، وتعمل علي تفكك الجسيمات الأولية للمادة في داخل الذرة، كما يحدث في تحلل العناصر المشعة، وتؤثر علي جميع أنواع تلك الجسيمات، وتحمل هذه القوة علي جسيمات تسمي البوزونات (Bosons) وهي إما سالبة أو عديمة الشحنة.
(3) القوة الكهرومغناطيسية: وتساوي 137/1 من شدة القوة النووية الشديدة، وتؤدي الي حدوث الاشعاع الكهرومغناطيسي علي هيئة فوتونات أو ما يعرف باسم الكم الضوئي تنطلق بسرعة الضوء لتؤثر علي جميع الجسيمات التي تحمل شحنات كهربية ومن ثم فهي تؤثر في جميع التفاعلات الكيميائية.
(4) قوة الجاذبية: وهي أضعف القوي المعروفة علي المدي القصير (10- 39 من القوة النووية الشديدة)، ولكن نظرا لطبيعتها التراكمية فإنها تتزايد باستمرار علي البعد حتي تصبح القوة الحاكمة علي اتساع السماء والأرض (أي علي اتساع الكون) بعد ارادة الله الخالق سبحانه وتعالى، حيث تمسك بمختلف أجرام السماء وتجمعاتها من الكواكب وأقمارها، والنجوم ومجموعاتها، والتجمعات النجمية بمختلف مراتبها (المجرات، التجمعات المحلية، التجمعات المجرية، التجمعات المحلية العظمي، التجمعات المجرية العظمي الي نهاية لا يعلمها إلا الله)، وأشباه النجوم، والسدم، وغير ذلك من مختلف صور المادة والطاقة التي تملأ صفحة السماء، ولولا هذا الرباط الذي أوجده الخالق سبحانه وتعالى لانفرط عقد الكون.
ويفترض وجود قوة الجاذبية علي هيئة جسيمات خاصة في داخل الذرة لم تكتشف بعد، اقترح لها اسم الجسيم الجاذب أو الجرافيتون (Graviton)، ويعتقد أنه يتحرك بسرعة الضوء.
وسبحان الذي أنزل من قبل أربعة عشر قرنا قوله الحق: {الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها} (الرعد: 2).
وذلك قبل تعرف الإنسان علي قوة الجاذبية بأكثر من عشرة قرون.
وكما تم توحيد قوتي الكهرباء والمغناطيسية في قوة واحدة هي القوة الكهرومغناطيسية، يحاول العلماء جمع كل من القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة فيما يسمي باسم القوة الكهربائية الضعيفة، حيث لا يمكن فصل هاتين القوتين في درجات الحرارة العليا، كما يحاولون جمع كل من القوة الكهربية الضعيفة والقوة النووية في قوة واحدة في عدد من النظريات تسمي نظريات التوحيد الكبري، وجمع كل ذلك مع الجاذبية فيما يسمي بالجاذبية العظمي يعتقد العلماء أنها كانت القوة الوحيدة السائدة في درجات الحرارة العليا عند بدء الخلق، ثم تمايزت الي القوي الأربع المعروفة لنا اليوم، والتي ليست سوي أوجه أربعة لتلك القوة الكونية الواحدة، التي تشهد لله الخالق بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه.
وفي محاولة لجمع كل القوي المعروفة لنا في قوة واحدة اقترح علماء الفيزياء النظرية، مايعرف باسم نظرية الخيوط العظمي والتي تفترض أن اللبنات الأساسية للمادة تتكون من خيوط طولية في حدود 10- 35 من المتر، تلتف حول ذواتها فتبدو كما لو كانت نقاطا متناهية في الصغر، وتقترح النظرية وجود مادة خفية تتعامل مع المادة العادية عبر الجاذبية.
وهنا يتضح جانب من الوصف القرآني للسماء، بأنها ذات حبك أي ذات ترابط محكم شديد يربط بين جميع مكوناتها، من أدق دقائقها وهي اللبنات الأولية في داخل نواة الذرة، الي أكبر وحداتها وهي التجمعات المجرية العظمي الي كل الكون.
(ج) والسماء ذات الحبك بمعني ذات الكثافات المتباينة في مختلف أجزائها.
يتفاوت متوسط كثافة المادة في صفحة السماء الدنيا، بين واحد من ألف مليون مليون من الجرام للسنتيمتر المكعب (1 10- 15 جرام / سم 3) في أشباه النجوم، الي حوالي 14 من ألف من الجرام للسنتيمتر المكعب في العماليق العظام (أي واحد من مائة من كثافة الشمس) الي 1،41 جرام للسنتيمتر المكعب في شمسنا، الي طن واحد للسنتيمتر المكعب (610 جرامات / سم 3) في الأقزام البيض، الي بليون طن للسنتيمتر المكعب (1510 جرامات / سم 3) في النجوم النيوترونية، الي أضعاف مضاعفة لتلك الكثافة في النجوم الخانسة الكانسة (الثقوب السود).
واذا انتقلنا من أجرام السماء الي المادة بين كل من النجوم والمجرات، والمادة في السدم وفي دخان السماء، وجدنا درجة أخري من التباين في كثافة المادة السماوية، يجعلها تبدو مجعدة كتجعد الرمل وغيره من الفتات الصخري، اذا مرت به أمواج المياه المندفعة، أو تيارات الرياح اللينة فتحدث بها من التكسر والتثني ما ينطبق مع المدلول اللغوي للفظة (الحبك).
وتتجسد هذه الصورة في داخل مختلف هيئات تجمع المادة في صفحة السماء من المجموعات النجمية من مثل مجموعتنا الشمسية الي المجرات، الي التجمعات المجرية العظمي في داخل كل وحدة من تلك الوحدات البانية للسماء الدنيا، وبين كل وحدة والوحدات المشابهة لها والأعلي منها رتبة.
(د) والسماء ذات الحبك بمعني ذات المدارات (الطرق) المحددة لكل جرم من أجرامها.
من الأمور المبهرة حقا في الجزء المدرك من السماء الدنيا، كثرة الأجرام فيها بصورة لا يكاد الإنسان يحصيها، وتعدد مسارات تلك الأجرام، وتباين مستوياتها، دون أدني قدر من التضارب أو الاصطدام إلا بالقدر المقنن والمحسوب بدقة بالغة لحكمة بالغة، حتي في لحظات احتضار النجوم وانكدارها، وطمسها، ثم انفجارها وتناثر أشلائها، وتبخر مادتها، وكذلك في لحظات انفجار الكواكب وتناثرها علي الرغم من كثرة المسارات وتعدد الحركات للجرم الواحد.
ومن هنا نفهم من القسم القرآني بـ والسماء ذات الحبك شمول تلك المدارات المخططة بدقة فائقة، بالإضافة الي روعة البناء، وإحكام الترابط، وتباين الكثافات، وكلها من معاني هذا الوصف المعجز ذات الحبك.
فسبحان الذي أنزل هذا الوصف القرآني من فوق سبع سماوات، ومن قبل ألف وأربعمائة من السنين، أنزله بعلمه الشامل، الكامل، المحيط، ليصف بلفظة (الحبك) هذا الكم من صفات السماء، التي لم تعرف إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين، ولايمكن لعاقل أن يتصور مصدرا لها غير الإله الخالق سبحانه وتعالى.
وقد يري القادمون في هذا الوصف القرآني ما لا نراه الآن، لتظل اللفظة القرآنية مهيمنة علي المعرفة الانسانية مهما اتسعت دوائرها وتظل دلالاتها تتسع مع الزمن ومع اتساع معرفة الإنسان في تكامل لا يعرف التضاد، وليس هذا لغير كلام الله...!!!